هذا العام أراد الفنان أحمد عز أن يحطم قيود الإحتكار السينمائي له ويدلف عبر بوابات الدراما التليفزيونية يخوض ماراثون السباق الرمضاني من خلال مسلسل "الأدهم"
في توليفة درامية اجتماعية رومانسية تشكل عودة عز إلى جمهور الشاشة الصغيرة بعد غياب استمر ست سنوات منذ مسلسل "ملك روحي".
ومع بزوغ هلال شهر رمضان يطل علينا أحمد عز يرتدي عباءة "أدهم طاحون" الشاب الذي يكافح من أجل مساعدة والدته على تحمل أعباء المعيشة فيصطدم بالظروف والأوضاع الصعبة
ومن ثم يقرر السفر إلى أوروبا على أمل تحسين أحواله، ولا يجد بديلاً أمامه سوى الهجرة بطريقة غير شرعية في رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر والصعاب والموت.
يقول أحمد عز: لاشك أن قراري بشأن خوض غمار تجربة العمل في المسلسلات التليفزيونية مرة أخرى لم يكن أمراً سهلاً على الإطلاق لاسيما بعد عدة سنوات من التردد والقلق والخوف في هذا الصدد
فقد تلقيت بالفعل على مدار الأعوام الماضية عدد كبير من الأدوار التليفزيونية فاعتذرت عنها، فلم أجد فيها ما أبحث عنه والشيء الذي يثير حماسي ويشجعني على الإقدام على تلك الخطوة لاسيما أنني كنت أضع كل اهتماماتي وتركيزي على المجال السينمائي فحسب.
ويضيف: أما تجربة مسلسل "الأدهم" فقد كانت بمثابة مشروع مؤجل بدأت منذ أكثر من عام من خلال اتفاق تم بيني وبين المنتج وائل عبد الله على بطولة مسلسل تليفزيوني
كان شرطي الوحيد خلالها هو توافر مقومات النص الجيد والموضوع الذي يتلاءم مع ما أريد تقديمه كي أحقق شروط ومتطلبات المعادلة الصعبة في معاودة الظهور على شاشة الدراما التليفزيونية،
وبمجرد أن تم الإنتهاء من كتابة السيناريو الخاص بالمسلسل الذي استغرق حوالي 9 أشهر شرعنا في التصوير كي يكون جاهزاً للحاق بالعرض الرمضاني.
وبحماسة بالغة يواصل: لقد كنت أبحث عن شيء مختلف لإيماني بأن التليفزيون محطة مهمة لكنها خطيرة فهو جهاز موجود في كل بيت، وتخاطب من خلاله كل الفئات العمرية
والطبقات الإجتماعية والشرائح الثقافية لذلك عندما أقدم لهذا الجمهور عملاً دراممنوووعً بعد هذا الغياب لابد أن يكون بمثابة "هدية حلوة" لأهل كل بيت في مصر والعالم العربي عبر مسلسل متميز يريد أن يقول شيئاً مهماً، جديداً، ومختلفاً.
أما كواليس اللقاء الذي يجمع بين أحمد عز وشخصية "أدهم طاحون" فيرويها قائلاً: مسلسل "الأدهم" هو بمثابة أول طرح درامي يتناول
قضية شائكة غاية في الأهمية هي مشكلة الهجرة غير الشرعية وأسبابها، ويلقي ظلالاً على النهايات المؤسفة والمأساوية التي تشكل بحسب الإحصاءات الرسمية كارثة مفجعة في حد ذاتها جراء ا
لمصاعب والمخاطر والمآسي التي يتعرض لها هؤلاء المهاجرين أثناء رحلاتهم المحفوفة بشتى ألوان وأشكال الخطر ومواجهة الموت.
ويستطرد: أدهم طاحون هو نموذجَ لهؤلاء الشباب الذين يفشلون في إثبات أنفسهم داخل بلدهم سيما بعد رفض أسرة والده ذات السلطة والنفوذ والثراء الفاحش الاعتراف به أو منحه حقه من الميراث
لأنه ابن الخادمة، ويترتب على حرمانه من حقوقه الشرعية إحساسه العارم بالظلم والقهر والإحباط، كما تضيع كل ممنوووعولاته هباءًَ في سبيل العثور على فرصة عمل،
وينجح أحد الأشخاص في إقناعه بالسفر إلى الخارج وبالفعل يقوم بتدبير نفقات الهجرة بالكاد، لكن الرحلة تتعرض لكارثة بعد غرق المركب التي يستقلها ويعيش لحظات عصيبة يصارع شبح الموت من
أجل البقاء على قيد الحياة، وينجو بالفعل وينجح في الوصول إلى الشاطيء الآخر لتبدأ سلسلة من الأحداث والمواقف التي تمر به في بلاد الغربة.
أحمد عز أكد أنه حريصاًَ من خلال هذا المسلسل على تقديم إسقاطات لما يحدث في المجتمع من مشاكل وقضايا لذلك يقول: كلما طالعت صفحات الجرائد أو تابعت برامج التليفزيون
أدركت تماماً أننا أصبحنا نواجه مأساة حقيقية، فلا يمر أقل من اسبوع دون أن نقرأ أو نسمع عن مصرع شباب في عمر الزهور أو العثور على جثث ضحايا أو ضبط بعض المهاجرين بطريقة
غير شرعية والقبض عليهم وايداعهم السجون وترحيلهم إلى بلادهم مرة أخرى.
ويواصل: يكفى أن نعرف أن مراكب الموت تتسبب في وفاة ما لايقل عن 500 شخص سنوياً أغلبهم يمثلون العائل الأساسي لأسرهم، ولنا أن نتصور حجم الدمار النفسي والمجتمعي الناجم
عن مصائب وكوارث الهجرة بالطرق غير المشروعة سواء لعائلات أولئك الذين يلقون حتفهم غرقاً وسط أمواج البحر العاتية مخلفين ورائهم تركة مثقلة بالديون والأوجاع والأحزان أو الناجين الذين
يجرون أذيال الخيبة والحسرة بلا طائل بعد تجربة صعبة ومريرة يذوقون خلالها الويل والعذاب وتظل لها تأثيراتها السلبية على نفسيتهم وحياتهم عموماًَ.
وما يزيد الطين بلة هو مافيا تجارة الأعضاء البشرية الذين يستغلون الفرصة في المتاجرة بأعضاء ضحايا حوادث الهجرات غير الشرعية دون أدنى وازع من ضمير.
الأدهى من ذلك هو تورط العديد من الشباب المهاجرين في بعض الاعمال المشبوهة والممارسات غير الشرعية مثل تجارة المخدرات والسلاح والدعارة على أمل الحصول على حماية العصابات
وشبكات المافيا في ظل مطاردات البوليس لهم ورغبة في تحقيق الثراء السريع.
ويضيف: المسلسل يطرح أيضاًَ العديد من التساؤلات الهامة والملحة حول مستقبل الشباب المصري والعربي بعد الهجرة إلى أوروبا، هل يستحق تحقيق حلم السفر إلى الخارج تلك المغامرة والمجازفة بحياتهم ومستقبلهم؟، وهل من الأجدى بقائهم داخل أوطانهم أم تظل الهجرة هي الخيار الأكثر إلحاحاً أمام هؤلاء الشباب في ظل الظروف والأحوال المعيشية الصعبة؟
.
ويستطرد: المسلسل لا يناقش الهجرة غير الشرعية فحسب بل يلقي ظلالاً على العديد من الأزمات والقضايا الهامة والشائكة على المستوى الإجتماعي والإنساني يعاني منها المجتمع المصري في الوقت الحاضر بشكل عام وهى أزمة الفساد والبطالة وقوانين المواريث وغيرها من المشكلات التي تمس رجل الشارع.
على جانب آخر يفجر الفنان أحمد عز أكثر من مفاجأة في خضم كلامه عن التحولات التي تطرأ على شخصية "أدهم" خلال رحلة صعوده إلى مصاف رجال الأعمال في أوروبا
وكيف استطاع الإمساك بأدوات الشخصية في مراحلها المختلفة.
ويقول: على مدار أكثر من ثلاثة شهور بدأت الإستعداد للمسلسل حيث قمت بالتدريب على الشخصية بكل أبعادها النفسية والإجتماعية والإنسانية، كما عشت بالفعل تجربة مثيرة بكل
المقاييس عبر إجراء العديد من المقابلات والزيارات الشخصية لأفراد من بعض الممنوووعفظات كالفيوم والبحيرة والشرقية سبق لهم خوض غمار تجربة الهجرة غير الشرعية للتعرف إلى خبايا وكواليس القصص الحقيقية لهؤلاء بالتفصيل.
أما أكثر ما لفت انتباهي خلال هذه الجلسات والحوارات الحية هو الحالة النفسية السيئة والمتردية أحياناًَ التي يكون عليها هؤلاء والتي تنعكس على شكل واساليب معاملاتهم مع كل
من حولهم وحتى في أحلامهم التي تتحول إلى كوابيس مفزعة نتيجة المناظر المؤلمة والقاسية التي تظل محفورة في ذاكرتهم بعد أن شاهدوا أقرانهم يموتون أمام أعينهم فضلاً عن مردود
اللحظات القاسية والمعاناة البشعة وهم يصارعون الموت لكن على النقيض تماماً هناك نماذج أخرى لديها إصرار تام ومستميت على تكرار الممنوووعولة مرة أخرى مهما كلفها الأمر.
وبعيداً عن الخط الإجتماعي الذي يسيطر على أحداث مسلسل "الأدهم"مازال أحمد عز متمسكاً بتيمة الأكشن والحركة والإثارة في أعماله الفنية إذ يقول:
أنا لا أسعى إلى إقحام الأكشن في مسلسلي الجديد لكن مشاهد الأكشن موجودة في سياق المسلسل بحكم طبيعة الموضوع وتسلسل الأحداث التي تتضمن بعض مشاهد المطاردات
والتفجيرات والضرب، وأعتقد أن أصعب مشاهد المسلسل هو مشهد غرق المركب في عرض البحر وصراع كل من عليها للموت لأنها كانت لحظات مفعمة بالإثارة مشحونة بالممنوووعسيس والمشاعر الإنسانية الصعبة والمتداخلة في لوحة ميلودرامية يتجلى خلالها كل مفردات ومعاني ما يمكن أن يسمى صراع الموت والحياة
.
ويذهب أحمد عز إلى منطقة أبعد حين يؤكد أن التليفزيون لا يمكن أن يسحب البساط السينمائي من تحت أقدام الفنان.
لا أؤمن بمقولة أن التليفزيون يحرق نجومية الفنان في السينما، ولست من أنصار مبدأ "ابعد عن التليفزيون وغني له"، صحيح أن لكل فنان حساباته الخاصة فيما يتعلق بمسألة التواجد
التليفزيوني لكن لا يستطيع أحد أن يغفل أو ينكر أن مقاييس الانتشار التليفزيوني قد تغيرت وتبدلت تماماً بعد أن أضحى المنتج الدرامي أحد عناصر الجذب الجماهيري في ظل هذا الزخم في
أعداد القنوات الفضائية الموجودة حالياً ثم يأتي الأهم وهو أن الرقابة التليفزيونية أضحت أكثر تفهماًَ ومرونة واستيعاباًَ وانفتاحاًَ من ذي قبل ومن ثم انفتحت أبواباً على مصراعيها فيما يتعلق
بالتطرق إلى العديد من الموضوعات الجريئة والقضايا الساخنة كانت مفتقدة إلى حد كبير في الدراما التليفزيونية يعني "بقينا نقدر نقول كل اللي احنا عاوزينه" بدون محظورات أو محرمات أو خطوط حمراء.
ويضيف: بصراحة اكثر لقد سعدت كثيراً عندما لاحظت أن هناك عدداً لا بأس به من المسلسلات أصبحت تناقش أدق تفاصيل حياتنا بطريقة أكثر تعمقاً ووضوحاً مثل قضايا الإغتصاب ومشاكل العشوائيات وغيرها حيث أن مثل هذه الأعمال تمثل دعوة لإخراج رؤوسنا من الرمال بعد أن ظللنا ندفنها سنوات طويلة، وهي دعوة أيضاً لنناقش واقعنا بشفافية وصراحة أكثر.
ولا ننسى كذلك سخاء العناصر الإنتاجية حالياًَ في مجال الإنتاج التليفزيوني ومن ثم أصبح المنتج الدرامي على أعلى مستوى فنياًَ وتقنياًَ وتكنولوجياًَ
من حيث مستوى الصورة التليفزيونية وغيرها، وتوافرت للمسلسلات كافة الامكانيات ومقومات الجاذبية والإبهار بما لا يقل عن السينما وبما ينعكس على جودة العمل ككل.
فعلى سبيل المثال تم تصوير مسلسل الأدهم كاملاًَ بواسطة كاميرتين ديجيتال من النوع المتطور جداًَ "هاي ديفنيشن" وهو ما يحسب لشركة الانتاج التي لم تبخل على العمل بأي شيء
.أما كلمة السر في التعاون الذي يجمع بين أحمد عز والمؤلف محمود البزاوي للمرة الثالثة على التوالي بعد تجربتين إذاعيتين هما "عيد في ريال مدريد" والسندباد عماد" فيعلق عليه قائلا:
لايمكن أن أقبل عملاً دراممنوووعً دون أن أملك مفاتيح الشخصية التي أجسدها فيه لذا أقرأ الشخصية وأستوعبها تماماً حتى أتحول إلى جزء منها وتتحول إلى "حتة" مني، وأعتقد أنه لا يمكنني
أن أصل إلى هذه الدرجة من الإستيعاب والإتقان إلا إذا كان العمل مكتوباً أساساً بشكل جيد إذ أنني أؤمن بالمسئولية التضامنية بين
كلاً من الفنان والكاتب في إكساب العمل الدرامي نجاحاً أو فشلاً، ومحمود البزاوي هو صديق عزيز يتفهم طبييعة شخصيتي وتركيبتي الإنسانية جيداًَ
لهذا فهو يضع تلك العوامل نصب عينيه عند الكتابة لي، وأستطيع القول أنه بالرغم من أن القصة في الأساس للمنتج وائل عبد الله لكن استطاع الفنان
والكاتب محمود البزاوي نسج الأحداث وصياغة المواقف ببراعة فائقة بحيث أصبح تكنيك كتابة سيناريو المسلسل أقرب إلى لغة السينما من حيث التكثيف وايقاع الاحداث المتلاحق والسريع والمشوق فلا تشعر بأي ملل.
وعلى الرغم من انضمام أحمد عز إلى قائمة أصحاب أعلى الأجور هذا العام حيث يتقاضى أربعة ملايين جنيه نظير بطولة مسلسل "الادهم" ل
كنه يعلق على قضية أجور الفنانين الفلكية التي أصبحت بمثابة صداع مزمن في رأس الإنتاج الدرامي التليفزيوني قائلاً: مسألة الأجر لا تشغلني على الإطلاق ربما لأنني
اعمل مع منتج أعلم تماماً أنه يقدرني جيداً ولن يبخسني حقي المادي، وعموماً أجر الفنان يتحدّد بحسب نجوميته وجماهيريته، وإذا كان الفنان لا يساوي شيئاً، فلن يعطيه المنتج مليماً لأن
هذا يعني خسارة له.
أحمد عز الذي يخوض الماراثون الدرامي الرمضاني في مواجهة عمالقة الأداء التمثيلي أمثال نور الشريف، يحيي الفخراني، حسين فهمي، إلهام شاهين علق على تلك المنافسة قائلاًَ
:أنا لم أخوض تجربة الدراما التليفزيونية كي أكون خصماً أو نداً أو أدخل في منافسة مع زميل أو زميلة ممنوووعً كان بل على العكس تماماً أنا أرى نفسي ضيفاً
على جمهور الشاشة الصغيرة أتمنى ألا أكون ثقيلاً، ولكن هذا لا يمنع من تكرار التجربة على نحو لا يشكل تعطيلاً لخطواتي المستقبلية في السينما.
وعلى أية حال فقد أصبحت أعيش تحت سطوة مشاعر ترقب ممزوجة بالخوف والقلق الرهيب إزاء ردود أفعال الجماهير حول مسلسلي الجديد وكل ما أتمناه
هو أن يلاقي قبولاً ورد فعل طيب لدى المشاهدين ويكون له نصيب من النجاح في ظل هذا الزخم من الأعمال الدرامية بغض النظر عن موضوع المنافسة، فالجمهور
أصبح أكثر وعياً ويستطيع بمنتهى السهولة التمييز بين العمل الجيد والعمل التقليدي أو الردي
ء.